Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
Pagesالأخبارالمعارضة الإيرانية

ردّاً على مقالة يوسف بدر: مجرّد قربة مثقوبة لا غير!

ردّاً على مقالة يوسف بدر: مجرّد قربة مثقوبة لا غير!

المصدر: النهار العربي – سعاد عزيز

تناول الأستاذ يوسف بدر، الخبير في الشأن الإيراني، في مقالة نشرت بتاريخ 13 حزيران (يونيو) في “النهار العربي”، مسألة سياسية – لكنها تخصصية – في ظل ما نشهده من تضعضع في حكم الملالي في إيران، وهي هل ستعود الملكية المحلية إلى المشهد السياسي الإيراني بعد إطاحة نظام الملالي؟ وحاول أن يوضح للقارئ هذا الغموض في صورة أسئلة وأجوبة.
قبل أن أحاول المساهمة في مسعى الأستاذ يوسف هذا إلى حد معرفتي المحدودة بالقضايا الإيرانية، أجد أن من الضروري تقديم تذكير مفيد للغاية في توجيهنا في هذا النقاش: ‌قبل أن نسأل من يستطيع حكم إيران بعد إسقاط نظام الملالي، يجب أن نسأل من يستطيع قلب نظام الملالي؟
المعنى: بغض النظر عن مدى هشاشة الجمهورية الإسلامية وتضعضعها، فإن تصور إطاحة نظام قمعي كنظام الملالي كما حدث مع نظام الشاه أمر خاطئ.
لمعلومات القراء، كان نظام الشاه منهكاً جداً في الأشهر التي سبقت سقوطه لدرجة أنه، وفقاً لوليام سوليفان، سفير الولايات المتحدة في إيران، لم يتمكن الشاه نفسه من أن يأمر بقمع التظاهرات، ‌وتوقع من سيده، الولايات المتحدة، أن يفعل ذلك.
مقارنة بقمع انتفاضة تشرين الثاني (نوفمبر) 2019، رأينا أن خامنئي قرر إطلاق النار على المتظاهرين بين عشية وضحاها.
وخلال 5 أيام، أمر بقتل أكثر من 1500 شخص بأيدي قناصة قاسم سليماني  ومروحياته ومروحيات قوات حرس الملالي، وسجن آلاف المتظاهرين الآخرين، وقمع الانتفاضة بالدم.
ونتيجة لذلك، فإن المهمة الأولى أمام أي تنظيم أو أي بديل، ليست فقط تقديم الخطة والبرنامج لمرحلة ما بعد إطاحة النظام، بل تقديم الخطة والأدوات لإطاحة الملالي قبل ذلك.
رضا بهلوي ليس لديه حتى عشرة أشخاص تحت إمرته، فكيف يريد إسقاط النظام؟ كما يقول المثل المشهور “اركب أولاً، تالي هز رجليك”.
وبهذه الإضاءة، أحاول المساعدة في تقديم الإجابة عن أسئلة أستاذنا العزيز:
عنوان المقالة: هل النظام الإيراني خائف من ولي عهد إيران السابق؟ لا يبدو ذلك.
على الأقل إذا قبلنا كلام السجين السياسي ذي التاريخ العريق هاشم خاستار، فيجب ألا يخاف النظام من رضا بهلوي.
يكتب هاشم خاستار أن عملاء استخبارات النظام شجعوه على الاتصال برضا بهلوي عندما ضغطوا عليه للتنديد بـ”مجاهدي خلق”، حركة المعارضة الرئيسية، بل عرضوا تقديم رقم هاتفه المحمول حتى يتمكن السيد خاستار من الاتصال به.
قال الأستاذ يوسف: “كلما اندلعت الاحتجاجات في المدن الإيرانية، سارعت وسائل الإعلام العالمية لاستضافة ولي عهد إيران السابق رضا بهلوي للتعليق على مستقبل إيران الجمهورية الإسلامية التي يحكمها نظام ولاية الفقيه”.
إذا كان هذا البيان دقيقاً، فهذا يعني أن وسائل الإعلام العالمية ليست على دراية كافية بضآلة انتصار رضا بهلوي في المجتمع الإيراني المنتفض، ولهذا السبب أكتب هذه السطور المهمة.
– يكتب الأستاذ يوسف: “تأتي خطابات بهلوي المتكررة لتأكيد استمرار حضوره ومتابعته للمشهد السياسي في إيران، ومشاركته آلام الشعب هناك”.
كمتابع للقضايا الإيرانية في وسائل الإعلام الفارسية والأجنبية، لم يكن هناك ظهور واضح لرضا بهلوي في المشهد السياسي الإيراني، خارج حي ويستوود في لوس أنجليس. وراديو “نجات إيران” الذي ذكره الأستاذ غير معروف على الأقل في إيران.
– أمسك الكاتب الفاضل بحق بمعصم رضا بهلوي الذي “لا يتحدث عن عهد والده الراحل، بل يتحدث دائماً عن أوضاع الشعب الإيراني في النظام الحالي”.
أولاً، ليس لدى رضا بهلوي رأس مال سياسي آخر سوى الاستشهاد بزمن والده البائد، لأنه في الأساس لم يشارك في أي عمل سياسي مستمر وهو معروف كشخصية خارج السياسة.
لذلك يمكن أن يكون فيلمه الوثائقي الوحيد هو مرحلة حكم والده فقط. بما أنه يناقش في الديموقراطية والحرية وحقوق المواطنة وما إلى ذلك أكثر من أي شيء آخر، فعليه أن يعرض أمثلة على ذلك خلال أيام حكم والده.
لكن الجيل الذي عاصر نظام والده يتذكر جيداً أن أبرز سماته كان “السافاك” القمعي، الذي عذب المنشقين وألقى بجثثهم في بحيرة قم الملحية بالمروحيات، وأعدم السجناء السياسيين في تلال إيفين، ثم أعلن أنهم كانوا يعتزمون الفرار.
وفي تقييم الأداء السياسي، أنهى والده جميع أشكال الحياة السياسية، وحل جميع الأحزاب، ولم يقل إلا بحزب القيامة! لذا فإن ادعاءه دعم وإرساء الديموقراطية والتعددية ادعاء فارغ المضمون والمحتوى.
وتحدث الأستاذ الفاضل عمّا سماه أهم تجمع للمعارضة الإيرانية في الخارج “المجلس الوطني الإيراني”، وهو في الأساس ليس تجمعاً ولا معارضاً ولا يملك أي أهمية، وليس له أي جسم في الخارج.
هذه مجرد محاولة فاضحة من رضا بهلوي لذر الرماد في العيون وخطف الأضواء من التحالف السياسي الأكبر والأكثر ديمومة في إيران، “المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية”، حيث يشكل “مجاهدي خلق” فيه العمود الفقري لقوى المعارضة ولديهم خطة محددة لمرحلة ما بعد إطاحة النظام.
ولديه أيضاً خطة واستراتيجية وبرامج عملية لإطاحة النظام، مثل خطة فصل الدين عن الحكومة، وخطة تحرير المرأة، وخطة الاستقلال الذاتي لكردستان إيران، وخطة ضمان حرية التعبير، وأخيراً خطة المواد العشر للسيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة من “المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية”.
مجلس رضا بهلوي الكبير و”خطته السياسية” التي من المفترض، بحسب الأستاذ الفاضل، أن تضمن “عودة النظام الملكي مثل الحكومة البريطانية” إلى إيران، كيف وأين تعاملت مع هذه القضايا الملحة للشعب الإيراني؟
– في ما يتعلق بقضية الإثنيات العرقية التي أشار إليها الأستاذ بـ”عشائر العرب واللور والفرس”، وأشار بحق إلى تأكيد رضا بهلوي على “العرق الآري”، تجدر الإشارة إلى أن والد رضا بهلوي وجدّه كانا على حد سواء مضطهدين للجماعات والأمم العرقية الكردية، والتركية، اللورية، العربية والبلوشية.
ومن صميم هذا القمع، تم إنشاء سلالة بهلوي قبل مئة عام تحت إشراف الحكومة البريطانية ووصايتها.
في المحصلة، يحق للأستاذ التحدث عن تشاؤم جميع القوميات الإيرانية، التي لا يرغب رضا بهلوي نفسه في الاعتراف بقوميتها أو عرقها ويطلق عليها اسم “العشائر” أيضاً.
هؤلاء المؤيدون للقومية الآرية (هل تذكرون كلمات أحدهم؟ لا؟ آه:‌ أدولف هتلر!)، الذين يعتقدون أن “الملكية هي الضامن الوحيد لوحدة البلاد” هم في الواقع، بقايا جهاز السافاك وأتباع الماسونية في زمن الشاه، والوزراء والوكلاء الفاسدون، وقادة الجيش الدمويون التابعون لنظام الشاه نفسه.
يسمح لنا جميع المحللين في عصرهم بأن نتذكر كيف حاول هؤلاء الأشخاص في الأشهر الأخيرة من حكم الشاه، مقارنة إيران بلبنان، الذي كان رمزاً للحرب الأهلية والمعاناة الناجمة عنها في ذاك الوقت، في محاولة لإخافة الناس من رحيل النظام الملكي باعتباره “الضامن الوحيد” لوحدة البلاد.
– كتب الأستاذ بدقة أن ما يسود مناطق الأقليات هو روح الثورة ولا تراجع عنه.
هذه هي الكلمة الأكثر أهمية التي لا يجيب رضا بهلوي عنها. ويضاف أن هذه الروح لا تنتمي إلى الأقليات فقط، بل تحكم أكثر من 90% من الشعب الإيراني.
يقول الأستاذ إن “بهلوي يدخل في نقاشات مع كل التيارات المعارضة على أساس الديموقراطية والعلمانية”، وهي بالضبط المجالات التي يفتقر فيها بهلوي إلى أدنى مصداقية.
– النقطة الأخيرة التي كتبها الأستاذ كانت أن المتظاهرين “رددوا شعارات يبدو أنها تطالب بعودة النظام الملكي”.
الشعارات من تظاهرات كانون الأول (ديسمبر) 2017، تشرين الثاني (نوفمبر) 2019، ومقاطع من شعارات انتفاضات كانون الثاني (يناير) وشباط (فبراير) 2020 موجودة، وتشمل “الموت للظالم، سواء كان الشاه أم المرشد”، “لا نريد ملكاً ولا مرشداً، ولا نريد سيئاً ولا أسوأ”، “لا نريد ملكاً، ولا ملا، لعنة الله على كليهما”.
الحقيقة أنه خلال تظاهرات الأسابيع الأخيرة هتفت عناصر مشبوهة بشعار “لتسعد روحك يا رضا شاه”، فرد عليهم المتظاهرون الحقيقيون في المشهد نفسه بشعار “ارحل أيها الباسيجي”.
وهذا يعني أنه في إيران وفي موقع الاحتجاجات، إذا ردد مثل هذا الشعار من قبل شخص أو أكثر بتواطؤ مع القوى القمعية، فلن يشك المتظاهرون في أنهم عملاء للنظام فحسب، بل سيردون عليهم بالشعار المناسب.
والحقيقة أن وزارة المخابرات في نظام الملالي تريد إحداث انقسامات في صفوف المتظاهرين بهذه الشعارات لحرف الانتفاضات وتدميرها.
هذا ليس عملاً عفوياً، بل من تصميم وتخطيط وزارة المخابرات وقوات حرس الملالي.
– ومن الأمثلة المثبتة على زيف شعار وزارة المخابرات المعد مسبقاً هو ترديده من عناصر مشبوهة أثناء احتجاجات مزارعي أصفهان في تشرين الأول (أكتوبر) على مجرى نهر زاينده رود الجاف، ليرد عليهم في الوقت نفسه المتظاهرون الحقيقيون بشعار “ارحل أيها الباسيجي”.
وهناك مثال آخر يوضح أن هذا التكتيك ليس جديداً تماماً، وقد استخدمته منذ سنوات عدة صحيفة “جمهوري إسلامي”، وهي إحدى الصحف الرئيسية التابعة للنظام في مقالة نُشرت في 26 حزيران (يونيو) 2018، أثناء صراع فصائل النظام الداخلية، حيث نشر مقالة بعنوان “خلف كواليس شعار “لتسعد روحك يا رضا شاه” أمام مجلس النواب”، إذ كتبت الصحيفة حول العصابة المنافسة: “لقد أصبحت هذه المجموعة متهورة لدرجة أنهم يرسلون بعض الناس إلى البرلمان بشعارات غير مسبوقة”، “لتسعد روحك يا رضا شاه”، و”الموت للمستغلين”، و”هم أيضاً يناورون بحرية مع الشرطة”، “هؤلاء الأشخاص هم بالضبط المجموعة نفسها الموجودة في صلاة الجمعة في طهران ومسيراتها، ونهاية تكبيرهم هي الموت لناهب الخزانة. الجميع يعرفهم جيداً …”.
قد يتساءل المرء ما فائدة رفع مثل هذه الشعارات للنظام الحاكم؟
بالنظر إلى رفض النظام الملكي في أذهان معظم الإيرانيين، فإن فكرة استبدال الملكية السابقة بالملالي لن تؤدي إلا إلى توطيد النظام الحالي.
نتيجة لذلك، بدلاً من خدمة مرحلة ما بعد الإطاحة، يعمل هذا الشعار على جعل عملية إطاحة الملالي أكثر صعوبة وغير مواتية نسبياً. وهذا ما يجهد له الملالي أكثر من أي شيء آخر.
وفي النهاية هناك نقطة اختلاف في وجهة النظر مع الأستاذ الفاضل في خلاصة مقالته، حيث يقول إن “فكرة العودة بالنظام الملكي ولو في صورة الدستورية البرلمانية، ما زالت بعيدة”. الوضع الثوري الحالي في إيران ووجود معارضة جمهورية منظمة لا يسمحان لنا بتصور إمكان عودة النظام الملكي مع وجود رضا بهلوي البالغ من العمر 61 عاماً، في حال إطاحة النظام.
– لكن إذا قال أحدهم إنه في مستقبل إيران بعد الملالي، قد يختار الشعب الإيراني الملكية الدستورية في انتخابات حرة هو أمر غير مستبعد، لكن في رأيي، احتمالية ذلك تعادل احتمالية اختيار الفرنسيين عودة آل بوربون أو أن يختار الشعب الروسي عودة القيصر!
زر الذهاب إلى الأعلى