الأخبارالمعارضة الإيرانية

مائة يوم بعد انطلاق الثورة الإيرانية.. سباق الملالي الخاسر مع الزمن

مائة يوم بعد انطلاق الثورة الإيرانية.. سباق الملالي الخاسر مع الزمن

مجلة المجلة – مهدي عقبائي:

أکثر ما يمکن أن يلفت النظر في نظام الملالي الحاکم في إيران، هو أنه ومنذ 43 عاما يراهن على القسوة والبطش والقتل من أجل استمرار حکمه، خصوصا وأن هذا النظام کأي نظام ديکتاتوري معادٍ لشعبه ولا يهمه غير مصالحه الضيقة الخاصة، قد أعطى الأولوية لماکينته القمعية، وحرص دوما على تدجيجها بکل ما يمکنها من أن تقف کجدار منيع بوجه أي تحرك أو نشاط معاد له.

والملاحظ في هذا النظام أنه يتعامل مع الشعب بنفس النهج والمنطق والأسلوب الذي تعامل به معه منذ الأيام الأولى لمجيئه، وکأن الزمن بالنسبة للشعب الإيراني حالة متوقفة أو أنها يمکن إمساك لجامها بالممارسات القمعية والقتل والبطش.

الجدار الأمني للنظام والذي يحرص عليه أکثر حتى من مفاهيمه وقيمه التي يدعو لها، ذلك أنه يعلم جيدا أن بقاءه مرهون بهذا الجدار ومن دونه فإنه سيصبح أثرا بعد عين، ولذلك فإنه قد قام بربط الأمور کلها بسياق متصل من أجل ضمان بقاء هذا الجدار وتقويته، حتى أن البرنامج النووي والطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية لها علاقة بصورة أو بأخرى مع هذا الجدار، لکن ومن دون شك فإن استمرار النظام في تغذية وتقوية جداره الأمني إنما کان ولا زال يعتمد على استنزاف قدرات وإمکانيات البلاد وجعلها في خدمته على حساب الشعب وأجياله، وإن إفقار الشعب وحرمانه مع مواصلة قمعه بضراوة، قد أدى وبعد سلسلة من الانتفاضات إلى اندلاع الانتفاضة الشعبية الحالية والتي هي في الحقيقة نتيجة وخلاصة وحاصل تحصيل معاناة ومکابدة الشعب الإيراني على مر 43 عاما من الحکم الدموي لهذا النظام المجرم.

43 عاما من استخدام القسوة والعنف المفرط ومن جعل مقدرات البلاد وثروات الشعب الإيراني في خدمة المشروع السياسي- الفکري للنظام، والذي هو کما ذکرنا مبني على أساس جداره القمعي وضمان بقائه کدرع لحمايته، وقد کان من آثاره وتداعياته التضخم والفقر والبطالة والمعاناة بمختلف أنواعها، ومثل هکذا أرضية هي أفضل ما يکون من أجل التأسيس للانتفاضات والثورات بوجه الأنظمة الديکتاتورية، ولا سيما إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار والأهمية وجود معارضة وطنية حريصة ومخلصة لشعبها نظير منظمة مجاهدي خلق التي قامت برفض هذا النظام ومواجهته منذ الأيام الأولى لقيامه، حتى إنها حرصت على توعية الشعب وجعله على دراية بالحقيقة الاستبدادية القمعية لهذا النظام، وأنه مجرد امتداد للنظام الملکي السابق مع تغيير شکلي بجعل العمامة مکان التاج، وأنه- أي النظام- يستخدم الدين من أجل تحقيق أهدافه المشبوهة، وقطعا كان لـ«مجاهدي خلق»في هذا الصدد تأثير واضح على رفع الوعي السياسي- الفکري للشعب وجعله يدرك ويعي ماهية هذا النظام، وهذا هو الأساس الذي قامت عليه وانطلقت منه الانتفاضة الشعبية الحالية التي باتت معروفة للعالم بأنها تسعى من أجل إسقاط النظام.

النظام کان يراهن على جداره الأمني، لکن هذا الجدار انهار منذ 16 سبتمبر (أيلول) 2022، بعد أن أصابه تضعضع جراء الانتفاضتين السابقتين أواخر عامي 2017 و2019، وبعد أن کان هذا النظام يراهن على السباق مع الزمن ويصر على إبقاء حالة التعامل مع الشعب الإيراني کما کانت منذ 4 عقود خلت، فإن الانتفاضة الحالية ومن خلال الدور التوعوي الحرکي لوحدات المقاومة التابعة لمنظمة مجاهدي خلق، قد أثبتت عمليا أن رهان نظام الملالي على الزمن، إنما هو رهان خاسر لا سيما وإن الانتفاضة قد دخلت شهرها الرابع وهي ماضية قدما للأمام بحيث تقوم بتوظيف العامل الزمني بصورة «علمية- تأريخية»وبذلك تلقن النظام درسا بليغا وتثبت أمام العالم أنه نظام غبي وأحمق عندما يصر على جعل الزمن حالة واقفة تأتمر بحسب ممارساته القمعية.

من سمات هذه الانتفاضة بحیث جعلها اللاعودة؛ الدور المباشر وغير المباشر لوحدات المقاومة التابعة لمجاهدي خلق؛ في تنظيم الاحتجاجات، والأهم من ذلك توجيهها واستمرارها.

منذ حوالي عام 2014؛ نظم مجاهدو خلق هيكلًا جديدًا للنضال ضد نظام الملالي داخل إيران. هذا الهيكل هو وحدة المقاومة. والجدير بالذكر أن وحدة المقاومة عبارة عن مجموعات المقاومة التي تعيش في تجمُّع اجتماعي من ناحية أخرى، وهي على تواصل وترابط فعَّال مع المجتمع. واستندت البنية التحتية لتشكيل وحدات المقاومة هذه على أن الظروف الموضوعية والمادية كانت مهيأة قدر الإمكان للتغيير واندلاع الانتفاضة في إيران. كمان كان تشكيل وحدات المقاومة هذه أمرًا ممكنًا كثيرًا في ظل هذه الظروف، كما أصبح أداؤها في الانتفاضات الاجتماعية عظيمًا.

کما أنها أثبتت تأثیرها بشکل جلي‌ خلال انتفاضة 2022 واستمراریتها.

*عضو فی المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية.

المصدر: المجلة

زر الذهاب إلى الأعلى