Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
Uncategorized

النظام الإيراني والرد الأميركي

النظام الإيراني والرد الأميركي

ایلاف – موسى أفشار:

الهجمات الصاروخية الأخيرة للنظام الإيراني ضد العراق وسوريا وباکستان، والرد الباکستاني الحازم والذي أحدث تخبطاً واضحاً في النظام الإيراني أجبره على تقديم توضيحات أشبه ما تکون باعتذار، لا سيما بعد زيارة وزير الخارجية أمير عبداللهيان لنفس الغرض؛ هذه الهجمات أثبتت حقيقة أن النظام الإيراني لا يستقوي إلا على الضعفاء، من الذين يعلم جيداً أنهم لا يمکن أن يقفوا بوجهه، لکنه في نفس الوقت لا يجرؤ أبداً على مهاجمة الدول القوية وذات الشأن، لأنه يعلم أنَّ آثار وتداعيات ذلك لن تمر عليه برداً وسلاماً، خصوصاً إذا ما انزلقت الأمور إلى مواجهة عسكرية.

وجهات نظر بعض المراقبين السياسيين ممن يتخوفون من تطورات الأوضاع الجارية في المنطقة من جراء النشاطات غير المسؤولة لأذرع النظام الإيراني في المنطقة واحتمالات توسع دائرتها، والقائلة إن النظام الإيراني يعمل إلى تطويرها إلى حرب شاملة، هي وجهات نظر بعيدة عن الواقع، ولاتتسم بفهم کامل لسياسة النظام الإيراني في ما يتعلق بدول المنطقة والحدود المرسومة من قبله لدور وکلائه فيها.

إنَّ إمکانية أن يشعل النظام الإيراني حالة رداً على قيام الولايات المتحدة الأميرکية بضرب أهداف في العمق الإيراني لا نراها قائمة أو قابلة للحدوث، لا سيَّما في الظروف والأوضاع الحالية غير العادية، واحتمالات عقد وإبرام صفقات دولية فيها، إذ أنَّ وضع النظام حالياً، وکما هو واضح، ليس بذلك المستوى الذي يمکن المراهنة عليه، بل حتى إنه في أضعف حالاته، وما جرى مع باکستان لم يوضح ذلك فحسب، بل أثبته أيضاً.

في السیاق نفسه ومن منظار آخر، أدان مايك بنس ومايك بومبيو، نائب رئيس الولايات المتحدة ووزير خارجيتها في الإدارة السابقة على التوالي، سياسة استرضاء النظام الإيراني، وكتبا في مقالة في وول ستريت جورنال بتاريخ الخميس 8 شباط (فبراير): ”حان الوقت لمهاجمة نظام إيران والملالي فقط يفهمون لغة القوة”. وأضافا: “لقد فشلت سياسة الاسترضاء. يجب على الولايات المتحدة أن تعيد الردع في الشرق الأوسط ومناطق أخرى”. ومضى المقال يعدد التنازلات التي قُدمت في سياسة الاسترضاء تجاه نظام إيران من قبل إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، مؤکداً أنَّه السنوات الثلاث الماضية، قدم دبلوماسيو الرئيس بايدن مرارًا وتكرارًا عروضًا وتنازلات لنظام إيران لم تفعل سوى أنها جعلت سلوكه العدواني أكثر جرأة.

في ضوء ما أسلفنا، فإن ما أدلى به ابراهيم رئيسي الجمعة من أن “بلاده لن تبدأ حرباً، لكنها سترد بقوة على كل من يستأسد عليها”، والذي جاء في سياق کلمة له نقلها التلفزيون الإيراني، يشير بوضوح إلى أنه يسعى من خلال ذلك لنقل رسالة إلى واشنطن قد تجعلها تغير من خطتها ولا تضرب الداخل الايراني، إذ ليس هناك من مؤشرات تؤکد إمکانية أن يقوم النظام الإيراني برد غير عادي قد يوسع المناوشات إلى حرب، فالوضع الداخلي لا يسمح بذلك أبداً، وهو يعلم بأن الشعب الإيراني أساساً لا يميل أبداً لوکلائه في المنطقة، بل يعتبرهم عبئاً عليه، وإنجرار النظام إلى حرب بسبب من وکلائه يعد تطوراً لا يبدو إزاءه أن هناك في الأفق ما يدل على إمکانية وقوف الشعب خلف النظام وتأييده في الحرب!

الشعب الإيراني الذي ذاق الويلات من جراء الحکم القمعي الاستبدادي لهذا النظام، ودفع ويدفع ثمنا باهظاً لمجرد بقائه واستمراره، فإنه ومن خلال الانتفاضات التي قام بها ضده وبشکل خاص انتفاضة أيلول (سبتمبر) 2022، التي کانت الفيصل في تحديد الموقف الحازم والحاسم للشعب من النظام والمطالبة بإسقاطه، فإن دخول النظام في حرب مهد لها في الأساس بنفسه من خلال وکلائه، سوف تنقلب وبالاً عليه، لا سيما أنه يعلم بأن تجربة الانتفاضة المشار إليها قد أثبتت له بأن الانتفاضة لا يمکن أن تندلع من دون أن يکون ثمة رأس وقيادة لها، وهو ومن خلال انتفاضات أواخر عامي 2017 و2019 وأيلول (سبتمبر) 2022 رأى بأم عينيه الطرف السياسي الإيراني المعارض الذي لعب الدور الأساسي في هذه الانتفاضات والذي لم يکن سوى المعارضة الإيرانية، ولذلك، سوف يسعى إلى آخر حد من أجل عدم الدخول في حرب مباشرة مهما کان الرد الأميرکي ضده عنيفاً، ولکن وفي نفس الوقت، هل يمکن أن تفوت هکذا ملاحظة مهمة من يعنيه الأمر؟!

زر الذهاب إلى الأعلى