إنتفاضة منظمة لها هياکلها

الحوار المتمدن- سعاد عزيزکاتبة مختصة بالشأن الايراني:
تبدو الاوضاع السائدة في إيران وبصورة عامة غير مستقرة وتمضي قدما نحو مصير لايبدو القادة والمسٶولون الايرانيون مطمئنون منه، خصوصا بعد أن أصبح واضحا إن المشکلة التي تواجهها إيران ليست قضية الحجاب کما يسعى النظام الى تحديده وکما يردده البعض من الذين لازالوا ينظرون للتطورات الجارية في الأوضاع المتداعية عن مقتل الشابة الکردية مهسا أميني، على إنها قضية متعلقة بالحجاب! القضية وکما يبدو واضحا من سياق الاحداث الجارية والاستمرارية التي تتسم بها مع طابع التحدي للنظام والمواجهة مع أجهزته الامنية، من إنها قضية رفض النظام والسعي من أجل تغييره.
الانتفاضة الحالية وإن کان إندلاعها عفويا من جراء مقتل الشابة أميني کسبب مباشر أو کشرارة أشعلت النار في الهشيم، لکن يجب أن لايغيب عن البال أبدا بأن الاوضاع برمتها کانت متوترة وکان الشعب يعاني من حالة إحتقان وغليان ضد النظام وماقد جناه عليه طوال أکثر من أربعة عقود عجفاء من حکم کان هدفه المحافظة على النظام وليس خدمة الشعب وضمان مستقبل أجياله.
هذه الانتفاضة التي يسعى النظام الى حصرها في دائرة المٶامرة وتخوين من يشارك فيها، فإن هدفه من وراء ذلك هو التقدم خطوة على الطابع التنظيمي التي باتت تتسم به ولاسيما مع هبوط الروح المعنوية لأفراد الحرس الثوري والباسيج وهم يواجهون الشعب الاعزال الذي بات يهاجم قواعدهم وينظر إليها کقواعد قمعية تساند قلعة الظلم الکبرى لنظام ولاية الفقيه، لکن مايقوم به هذا النظام قد فات أوانه ذلك إن الصورة قد إختلفت عن الاعوام السابقة بکثير، إذ أن أهم وأقوى الشرائح الاجتماعية وبشکل خاص شريحة الشباب التي هي بمثابة بيضة القبان في أية عملية صراع ومواجهة حاسمة، قد باتت في الجبهة المعادية للنظام وحتى إن معظم عمليات الهجوم على قواعد وثکنات الحرس والباسيج والاجهزة الامنية الاخرى يتم تنفيذها من قبل وحدات المقاومة التي تتشکل معظمها من الشباب ناهيك عن تشکيلات أخرى نظير”شباب الانتفاضة”، لذلك فإن النظام يبدو في وضع لايحسد عليه وإن معظم مايصدر عنه من تصريحات عنترية ونارية إنما هي مجرد هواء في شبك ولم تعد تحقق أي من الاهداف المرجوة من ورائها.
إستمرار الانتفاضة الشعبية الايرانية وديمومتها وعدم تمکن الاجهزة القمعية للنظام من إخمادها تثبت بأنها تختلف حقا عن الانتفاضات السابقة وإنها وکما وصفها محمد محدثين، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في المجلس الوطني للمقاومة الايرانية خلال لقاء صحفي له بخصوص الانتفاضة الحالية قائلا:” ما نشهده هو حركة احتجاجية استمرت لمدة 39 يوما في جميع المراكز الحضرية الرئيسية وأكثر من 198 مدينة في جميع المحافظات الإيرانية، تواجه أكثر اشكال القمع وحشية، من قبل نظام ديكتاتوري لا يرحم، لا توجد مؤشرات على تراجع المتظاهرين أو انحسار الاحتجاجات، هذه الحقيقة في حد ذاتها تؤكد وجود الهيكل والتنظيم.”.